(آية 28:سورة الأنعام)
(ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه)
معنى "إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة"🌿
معنى "إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة"
ما درجة هذا الحديث: إذا قات الساعةُ وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها؟
🌿
التوكل على الله 💕
بسم الله الرحمن الرحيم
تعريف التوكل:
قال ابن عباس: التوكل هو الثقة بالله،
وصدق التوكل أن تَثِق في الله
وفيما عند الله، فإنه أعظم وأبقى مما لديك في دنياك.
أهمية التوكل ومنزلته من العقيدة والإيمان والسلوك:
التوكل على الله خلقٌ عظيم من أخلاق الإسلام،
وهو من أعلى مقامات اليقين، وأشرف أحوال المقربين،
وهو نظام التوحيد وجماع الأمر؛ كما أنه نصف الدين والإنابة،
نصفه الثاني، ومنزلته أوسع المنازل وأجمعها، وهو مفتاح كل خير؛
لأنه أعلى مقامات التوحيد وعبادة من أفضل العبادات،
وهو فريضة يجب إخلاصه لله تعالى وعقيدة إسلامية؛ لقوله تعالى:
﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾
[المائدة: 23].
فإن تقديم المعمول يفيد الحصر؛ أي:
وعلى الله فتوكلوا لا على غيره.
إن التوكل شرط من شروط الإيمان، ولازم من لوازمه ومقتضياته،
فكلما قوِي إيمان العبد، كان توكله أكبر،
وإذا ضعُف الإيمان ضعُف التوكل؛ قال الله - عز وجل -:
﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾
[آل عمران: 122]،
وفي الآية الأخرى:
﴿ وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ ﴾
[يونس: 84].
فجعل دليل صحة الإسلام التوكُّل، وهو من أشرف الرُّتب
وأعلى المقامات من أعمال القلوب، التي هي أصل الإيمان
الذي هو أجلُّ وأعظم ما تُعِبِّد الله تعالى به،
والتوكل من أجمع أنواع العبادة وأعظمها؛ لِما ينشأ عنه من
الأعمال الصالحة، والتوكل مقترن بمراتب الدين الثلاث:
(الإيمان والإسلام والإحسان)، وشعائره العظام،
والتوكل مقام جليل القدر، عظيم الأثر،
جعله الله سببًا لنيل محبَّته؛
ال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾
[آل عمران: 159].
وجمع الله بينه وبين الهداية والحق والدعاء.
التوكل أصل من أصول العبادة التي لا يتم توحيد العبد إلا به،
جاء الأمر به في كثير من الآيات؛ مثل قوله تعالى:
﴿ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾ [هود: 123]،
وقوله - عز وجل -: ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ ﴾
[الفرقان: 58].
وهو من سمات المؤمنين الصادقين قال تعالى:
﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ
وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾
[الأنفال: 2]،
وفي حديث:
((أربع لا يعطيهنَّ الله إلا مَن أحبَّ: الصمت
وهو أول العبادة، والتوكل على الله، والتواضع والزهد في الدنيا))؛
رواه الطبراني وهو في "اتحاف السادة".
وقال علي: يا أيها الناس، توكلوا على الله،
وثِقوا به؛ فإنه يكفي مما سواه.
و مما يدل على أهميته أيضًا ضرورته للعبد وعدم استغنائه
عنه طرْفة عينٍ من عدة جهات:
1- من جهة فقر العبد وعدم ملكه شيئًا لنفسه،
فضلاً عن غيره من المخلوقين.
2- من جهة كون الأمر كله بيد الله تعالى.
3- من جهة أن تعلق العبد الزائد بما سوى الله مضرة عليه.
4- من جهة أن اعتماد العبد على المخلوق وتوكُّله
عليه، يوجب له الضرر من جهته عكس ما أمَّله منه.
من أقوال السلف في بيان أهمية التوكل وارتباطه بالإيمان:
ابن عباس: التوكل جماع الإيمان.
سعيد بن جبير: التوكل على الله نصف الإيمان.
ابن القيم: إن التوكل يجمع أصلين: علم القلب، وعمله،
أما علمه: فيقينه بكفاية وكيله وكمال قيامه بما وكَله إليه،
وأن غيره لا يقوم مقامه في ذلك،
وأما عمله: فسكونه إلى وكيله وطُمَأنينته إليه،
وتفويضه وتسليمه أمرَه إليه، ورضاه بتصرُّفه له فوق رضاه
بتصرُّفه هو لنفسه.
عوائق التوكل:
1- الجهل بمقام الله من ربوبية وألوهية، وأسماء وصفات.
2- الغرور والإعجاب بالنفس.
3- الركون للخلق والاعتماد عليهم في قضاء الحاجات.
4- حب الدنيا والاغترار بها مما يحول بين العبد والتوكُّل؛
لأنه عبادة لا تصِح مع جعْل العبد نفسه عبدًا للدنيا.
ومن الأدلة على ارتباط التوكل بالأخذ بالأسباب:
من القرآن: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ ﴾ [النساء: 71]،
﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ
تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ﴾
[الأنفال: 60]،
﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ
وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾
[الجمعة: 10]،
﴿ فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ ﴾
[الأنفال: 69]،
﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ﴾
[البقرة: 197]،
وقوله تعالى: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ
فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ
لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ
فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾
[آل عمران: 159]،
﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾
[آل عمران: 123]،
﴿ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا ﴾
[مريم: 25]،
﴿ أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ
وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ
وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ
فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا ﴾
[النساء: 78]،
{﴿ وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ ﴾
[الأنبياء: 80]،
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ ﴾ [النساء: 71]،
ومن السنة حديث: (وجعل رزقي تحت ظل رُمحي)؛
رواه أحمد، وابن أبي شيبة، وذكره البخاري تعليقًا،
والهيثمي في المَجمع.
وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال:
جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - على ناقة له، فقال:
يا رسول الله، أدَعها وأتوكَّل؟ فقال: اعْقلها وتوكل؛
رواه الترمذي وابن أبي الدنيا، وأبو نُعيم والبيهقي، وابن حبان.
وعن عمر - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
لو أنكم توكَّلون على الله حقَّ توكُّله، لرزقكم كما يرزق الطير؛
تغدو خِماصًا، وتعود بطانًا؛
رواه أحمد، وابن المبارك في الزهد،
والترمذي في الزهد، وابن ماجه في الزهد،
والحاكم وصحَّحه، ووافَقه الذهبي والبيهقي في الشُّعَب،
وأبو نُعيم في الحلية وغيرهم.
خماصًا: جياعًا، بطانًا: مُمتلئات البطون،
والمعنى الإجمالي للحديث:
أن التوكل الصحيح هو تفويض الأمر إلى الله - عز وجل -
والثقة بحُسن النظر فيما أمر به، فلو أن المسلمين
يتوكلون على الله - جل ثناؤه - في كل شؤونهم،
لرزَقهم كالطير تمامًا، ولكن بعضهم يعتمد على قوته
وحذره، ويحلف بالباطل، وكل هذا خلاف التوكل.
وعن المقدام بن معدي كرب عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
قال: ما أكل أحد طعامًا قط خيرًا من أن يأكل من عمل يده،
وإن نبي الله داود - عليه السلام - كان يأكل من عمل يده؛
رواه البخاري، وابن ماجه، وأحمد، والبيهقي في الشُّعَب.
وعن عمر - رضي الله عنه - قال:
كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
يُنفق على أهله نفقة سنتهم من هذا المال، ثم يأخذ ما بقي،
فيجعله مجعل مال الله،
فعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك حياته؛
رواه البخاري، ومسلم.
ولقي عمر بن الخطاب ناسًا من أهل اليمن، فقال:
من أنتم؟ قالوا: نحن المتوكلون، فقال أنتم المُتَّكلون،
إنما المتوكل الذي يُلقي حبةً في الأرض ويتوكَّل على الله،
وفي ذلك الرد البليغ على من يتركون الأسباب
تقاعسًا بدعوى التوكل على الله، ولو صدَقوا لأحسَنوا العمل.
أما التواكُل، فهو ترك الكسب، والطمع في المخلوقين،
والاعتماد عليهم بالتخلي عن الأسباب
التي وضعها الله - عز وجل -
والانقطاع عن السعي والتقاعد عن العمل،
وانتظار النتائج من الخلق أو القدر،
أو الاتكال على الله أن يَخرِق له العوائد،
ولأصحاب هذا المفهوم أدلة،
والتواكل خِسَّة هِمَّة، وعدم مُروءة؛
لأنه إبطال حكمة الله التي أحكمها
في الدنيا من ترتُّب المسببات على الأسباب،
ولقد حارب الإسلام التواكل وحذَّر منه،
وهو حرام ليس
من الشرع أصلاً، وهو مخالف للنصوص.
💕
أ. د. سليمان بن قاسم بن محمد العيد
شرح حديث أبي هريرة: "ما نقصت صدقة من مال"
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح حديث أبي هريرة: "ما نقصت صدقة من مال"
- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((ما نقَصتْ صدقةٌ من مال، وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًّا،
وما تواضَعَ أحدٌ لله إلا رفَعَه الله عز وجل))؛
رواه مسلم.
قال سَماحة العلَّامةِ الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -:
ثم ذكر المؤلِّف الحديث الآخر أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال:
((ما نقَصتْ صدقةٌ من مال))؛
يعني الإنسان إذا تصدق فإن الشيطان يقول له:
أنت إذا تصدَّقتَ نقَص مالُك، عندك مائة ريال،
إذا تصدَّقتَ بعشرة لم يكن عندك إلا تسعون،
إذًا نقص المال فلا تتصدق، كلما تصدَّقت ينقص مالك.
ولكن من لا ينطق عن الهوى يقول: إن الصدقة لا تنقص المال،
لا تنقصه لماذا؟ قد تنقصه كمًّا، لكنها تزيده كيفًا وبركة،
وربما هذه العشرة يأتي بدلها مائة، كما قال تعالى:
﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ﴾ [سبأ: 39]؛
أي: يجعل لكم خلفًا عنه عاجلًا، وأجرًا وثوابًا آجلًا، قال تعالى:
﴿ مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ
أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ ﴾ [البقرة: 261].
والمسلمون اليوم مقبلون على شهر رمضان، وشهر رمضان مقبل عليهم،
فهو شهر الجود والكرم، كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أكرَمَ الناس،وكان أجوَدَ الناس،
وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيُدارسه القرآن،
فلرسولُ الله صلى الله عليه وسلم أجوَدُ بالخير من الريح المرسلة.
الريح المرسلة التي أمَرَها الله وأرسلها فهي عاصفة سريعة،
ومع ذلك فالرسول عليه الصلاة والسلام أسرع بالخير في رمضان من هذه الريح المرسلة،
فينبغي لنا إن كانت زكاة فزكاة، وإن كانت تبرعًا فتبرُّع؛ لأنه شهر الخير والبركة والإنفاق.
ويزيد العامة على قوله صلى الله عليه وسلم:
((ما نقَصتْ صدقةٌ من مال))
يجري على ألسنة العامة قولهم: ((بل تزده))، وهذه لا صحة لها،
فلم تصحَّ عن الرسول عليه الصلاة والسلام،
وإنما الذي صح عنه صلى الله عليه وسلم قوله:
((ما نقصت صدقة من مال)).
فالزيادة التي تحصل بدل الصدقة إما كمية وإما كيفية.
مثال الكمية: أن الله تعالى يفتح لك بابًا من الرزق ما كان في حسابك.
والكيفية: أن ينزل الله لك البركة فيما بقي من مالك.
ثم قال صلى الله عليه وسلم: ((وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًّا))،
إذا جنى عليك أحد وظلَمَك في مالك، أو في بدنك، أو في أهلك، أو في حقٍّ من حقوقك،
فإن النفس شحيحة تأبى إلا أن تنتقم منه، وأن تأخذ بحقك، وهذا لك؛ قال تعالى:
﴿ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ ﴾
[البقرة: 194]،
وقال تعالى: ﴿ وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ ﴾
[النحل: 126].
فيقول الرسول عليه الصلاة والسلام: ((وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًّا))،
والعز ضد الذل، والذي تحدِّثك به نفسُك أنك إذا عفوت فقد ذلَلْتَ أمام من اعتدى عليك،
فهذا من خداع النفس الأمارة بالسوء ونهيها عن الخير؛
فإن الله تعالى يُثيبك على عفوك هذا، فالله لا يزيدك إلا عزًّا ورفعة في الدنيا والآخرة.
ثم قال صلى الله عليه وسلم: ((وما تواضَعَ أحدٌ لله إلا رفَعَه))،
وهذه الرفعة تكون بسبب التواضع والتضامن والتهاون،
ولكن الإنسان يظن أنه إذا تواضع نزل، ولكن الأمر بالعكس،
إذا تواضعتَ لله فإن الله تعالى يرفعك.
وقوله: "تواضع لله" لها معنيان:
المعنى الأول: أن تتواضع لله بالعبادة، وتخضع لله، وتنقاد لأمر الله.
المعنى الثاني: أن تتواضع لعباد الله من أجل الله، وكلاهما سبب للرفعة،
وسواء تواضعت لله بامتثال أمره واجتناب نهيه وذللت له وعبَدتَه،
أو تواضعت لعباد الله من أجل الله، لا خوفًا منهم، ولا مداراة لهم،
ولا طلبًا لمال أو غيره، إنما تتواضع من أجل الله عز وجل،
فإن الله تعالى يرفعك في الدنيا أو في الآخرة.
فهذه الأحاديث كلُّها تدل على فضل الصدقة والتبرع،
وبذل المعروف والإحسان إلى الغير،
وأن ذلك من خلق النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
/
سماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين
المصدر: «شرح رياض الصالحين» (3/ 404- 409)
بعض من أعمال البِر التي كانت تقوم بها جدتي (رحمها الله، وأسكنها الفردوس الأعلى).
~
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد:
سأكتب عن بعض أعمال البِر التي كانت تقوم
بها جدتي (رحمها الله، وأسكنها الفردوس الأعلى).
اولًا سأذكر هذا الحديث عن امِّنا زينب
بنت ححش رضي الله عنها.
عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
(أسرعُكنَّ لحاقاً بي أطولكنَّ يداً، قالت: فكنَّ يتطاولن أيتهنَّ أطول يداً، قالت:
فكانت أطولنا يداً زينب؛ لأنها كانت تعمل بيدها).
صحيح البخاري 2/ 110 رقم (1420).
بعد وفاة جدتي رحمها الله اتذكر هذا الحديث
النبوي كثيرًا
لأنه يذكرني بها؛ كانت تكثر من الصدقة ومساعدة
المحتاجين؛
من ذلك عندما سافر عمي وأبي في رمضان
١٤٣٨هـ أعطتهما تمرًا
حتى يتصدقا بها في تلك الدولة البعيدة التي نصف سكانها غير مسلمين،
لا أحد يخطر بباله صدقة بهذه الطريقة، استغرب كيف تُوفَّق لأعمال كهذه، وبهذه الطريقة؛
تتصدق على القريب والبعيد 💕
*,
كانت تُحافظ على الدعاء في عصر يوم الجمعة وتُكثر منه..
عملاً بالحديث الشريف:
عن أبي هُرَيرَة رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:
((ذَكَرَ يومَ الجُمُعةِ فقال: فيه ساعةٌ لا يُوافِقُها عبدٌ مسلمٌ وهو قائمٌ يُصلِّي
يسألُ اللهَ شيئًا إلَّا أعطاه إيَّاه، وأشار بيدِه يُقلِّلها))
رواه البخاري ومسلم
وتكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
عملاً بالحديث الشريف:
- إنَّ من أفضلِ أيَّامِكم يومَ الجمعةِ فيه خُلِق آدمُ ، وفيه قُبِض ،
وفيه النَّفخةُ ، وفيه الصَّعقةُ ، فأكثِروا عليَّ من الصَّلاةِ فإنَّ صلاتَكم معروضةٌ عليَّ .
قالوا : يا رسولَ اللهِ كيف تُعرَضُ عليك صلاتُنا وقد أرِمتَ ؟ يقولون : قد بَلِيتَ
قال : إنَّ اللهَ حرَّم على الأرضِ أن تأكُلَ أجسادَ الأنبياءِ .
الراوي : أوس بن أبي أوس وقيل أوس بن أوس والد عمرو | المحدث : الألباني | المصدر : فضل الصلاة
الصفحة أو الرقم: 22 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح رجاله رجال الصحيح
*,
ومن ذلك كانت تعبئ صناديق المياه في الحوش حتى تأتي وتشرب منها الطيور؛
* كانت تحتفظ على أذكارالصباح والمساء..
ذات مرة ذهبنا لزيارتها وجدناها في حوش المنزل تقرأ أذكار المساء،
جعل الله تلك الجدران تشهدها لها يوم القيامة.
*,
جدتي رحمها الله كانت تحافظ على صلاة التراويح والقيام طوال شهر رمضان في المسجد،
كانت تذهب رغم كِبر سنها والتعب الذي تلاقيه عند الدخول والخروج من السيارة،
بسبب ألم رجليها إلا أن ذلك لم يثنيها عن الذهاب للصلاة
في المسجد.
جعل الله جدران ذلك المسجد ومن فيه شاهدين
لها يوم القيامة.
كانت محبوبه عند الكل، الجميع يذكرها بالذكر الطيب، كانت تنوي عمل الخير
فيوفقها الله سبحانه وتعالى لذلك.
ذات مرة وشهر رمضان على الأبواب، تمنيت في نفسي ان اشتري قميص صلاة جديد،
كنت أريد ذلك بشدة؛ فإذا هي تأتي لزيارتا وتهديني
انا وأمي واختي قمصان صلاة.
كم اسعدتنا حينها.. أسعدها الله بجنان الفردوس.
💕
عندما تأتي لزيارتنا تصعد الدرج وهي تسبح وتكبر،
وتستغفر وعندما تنزل كذلك، كلما تنزل درجة تسبح وتكبر.
عملا بالحديث النبوي..
استحباب التسبيح عند النزول من علو والتكبير
عند الصعود
"جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم:
(أنه يكبر إذا صعد مشرفاً، ويسبح إذا نزل وادياً)
روى البخاري في صحيحه (2993) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ :
( كُنَّا إِذَا صَعِدْنَا كَبَّرْنَا
وَإِذَا نَزَلْنَا سَبَّحْنَا ) .
غفر الله لها ، وأنزلها منازل الصديقين والشهداء ،وجمعنا بها في
الفردوس الأعلى.
/
5/شوال/1442هــ